أوراقنا المنفية
_______________
كثيرون هم من نصبوا حراسا للمقبرة القديمة
كانوا سرعان ما يموتون تباعا
لم أحزن على موتهم
ربما لأنني لم أتعرف على وجوههم أوتفاصيل ملامحهم
إلا الشيخ عبد الوهاب
كان يسهر على الدوام
يوزع القهوة المرة على أهالي الموتى
الى ان هزمته الحياة حد العجز
أحيانا
يخبرنا أن البلدة ذات يوم ستغرق ولن نتمكن من إيجاد الطريق والمياه ستقف أمام عصاه مرتجفة
ستسحبها إلى العمق
ويعود الربيع
وتزدهر عصاه
وتعود الفراشات
لم نعد نحمل الكتب المدرسية
أصبحنا نحن الصغار نضع عصاه فوق رؤوسنا ككتاب مقدس
كأنها عصا موسى
بتنا نسخر من هذا العالم ونحفظ وصاياه لا ندوس على القبور
نعمل
ونحن نضع جباهنا في وجه الشمس لنكون أقوياء
أو لنموت كثمار لم تنضج
أصبحنا خاليين من العاطفة والحب
نمضي إلى الكروم لنحتسي كؤوس الخمر
فجأة أدار الربيع ظهرها لنا
تساقطت اوراقنا
وانتحرت الشمس في بركة ماء قذرة
أصبحنا صامتين مثل الحجارة
نحتسي الحزن من الوجوه ونلعق لعاب المتعبين
والريح تصنع من اوراقنا المنفية اطواقا حول أعناقنا الحجرية
كمستلقين منتظرين لراع وغد هرب دون قطيعه
احرقوا أشجار الغابة
لأننا كرهنا أن نصنع منها عكاكيز نتكىء عليها
كرهنا أن نحمل الأغصان فوق الرؤوس ونقدسها
لا تخافوا نحن أتقنا السير على الأيادي كالبهلوانات
أنهارنا وينابيعنا ما زالت صادقة معنا
نغرس أقدامنا لنطارد الوحوش التي أكلت أغنامنا
ونرى انعكاس وجوهنا وظلالنا فوق مياهه
تعلمنا اذا تكالب علينا الأعداء
أن نرميهم بعظامنا ونترك جماجمنا كقلاع لحمايتنا
أن ننادي للنجوم في السماء
قد آن موسم الإياب ليعود الموتى من نزهاتهم الأبدية كظلال
ونعود كالشهب نخدش غرور العدو
وننشد للسماء ما عادت تخوننا الحياة
ما عادت تخوننا الحياة
افين حمو