عشِقتهُ فارساً دغدغ أحلامها النّائمة.. ووجهٌ يزخرُ ببراعم الجلّنار عشقها، وفِي بحرِ عينيها غرق.. استغاث بهدبها طوق نجاةٍ، بخُلتْ.. حمل كتاب شعرهِ، طرّزه بخفقاتِ قلبه إهداءً، وعند بابها وقف.. زحفت تفتح له باباً أغلقته منذ سنين.. بحثت عيناه عن إشراقةِ وجهها، ليس سوى عينين دامعتين متضرّعتين، تعتذران.. بصمتٍ حزينٍ وضع كتاب أشعاره عند ركبتيها الداميتين .. ورحل .. ===== =========== القراءة :
المدخل/ والموضوع :
الحلم فضاء تتحقّق فيه كل الأمنيات .....تستجاب فيه كل الرّغبات الدفينة .... حتى الحلم استكثرته على نفسها اعتذرت له بعينين دامعتين ..متضرّعتين...في صمت ....لم يجادل فارس أحلامها النائمة الذي عشقته.. قد .تفهم القصّة في الظّاهر أنه استجاب لاعتذارها.... ولكن في حقيقة الأمر انسحب وضع كتاب أشعاره عند ركبتيها الدّاميتين ورحل... رحل متناسيا أنها فتحت له بابا كانت أغلقته منذ سنين ..نسي أنه من طرّزه بخفقات قلبه. نسي أنه من استدرجها لعشقه بدغدغة أحلامها النائمة ..ولكن قبل ذلك كان قد غرق في بحر عينيها... استغاث بهدبها طوق نجاة... إلا أنها بخُلت.... أو تكون خذلته في جولة أولى ؟؟؟.....عندما كانت في عمر الشباب ؟؟؟.... وعند رجوعه بحث عن اشراقة تذكره بما كان يجلبه إليها، في السّابق!!... بحث عن اشراقة وجهها... قابله صمت حزين... واعتذار عينين دامعتين... غادر ...وكأنه غدر بها ...كما غادرها شبابها وغدرها قدرها بعد أن وضع كتاب أشعاره عند ركبتيها الدّاميتين... تركها ورحل رغم إنها زححفت لتفتح له الباب من جديد ...
رحل قبل أن تستفيق .. من حلمها
الأسلوب:
يبدو سهلا، بسيطا، متجانسا، من حيث انسجام الألفاظ في استعمال المألوف منها ..ومتناسقة بحيث تبدو متناغمة موسيقيا ... و ولكنّه في الحقيقة هو أسلوب يغلب عليه التّرميز ،مشفرا، تبدو الصّور شعريّة شاعرية متوتّرة بنبض خافق حينا، وحينا آخر ينزف ألما، ويئن من شدة الحزن. ..بين الماضي والحاضر .تتعمد القاصّة إرباك المتلقّي بالتبئير.. بالمخاتلة ... بالحركة... باستعمالها لأفعال في صيغة الماضي:
فلو عدنا إلى العتبات، وبدأنا بالتّدقيق في الاستهلال:
نلاحظ عدم انسجام لفظ (النّائمة) مع وجه الجلّنار .... فالجلّنار : زهر الرمّان، وهو إسم فارسي، من الأسماء المركّبة، كلّ والتي تعني زهر، وكلمة نار تعني الرّمّان، ثم أُبدلت الكاف جيما، فصارت جلّنار، ويقال أيضا أن كلمة جلّنار، أصلها جولينار وهو الرّمّان التّّركي إسم علم مؤنث ....كدلالة ترمز إلى الشّباب إلى النضارة إلى الجمال ... في حين أن( الأحلام النّائمة) توحي بسنّ اليأس ...كذلك فعل( دغدغ) وكأنّها فعل لتنبيه الأحلام النّائمة بقصد الاستفاقة ....
العنوان:
( أضغاث أحلام ...)
القفلة:
رحل ...
رغم أن القفلة لا تتعارض مع العنوان في تبخّر الحلم إلّا أنّها مدهشة من حيث أنّ فعل الرّحيل وقع قبل انتهاء الحلم ....
الدٌهشة لازمتنا مذ العنوان( أضغاث أحلام ..)، كذلك استرداديّة الزّمن الدّائري والتّبئير الّذي بدى عليه الاستهلال... لتاتي القفلة وتتّحد مع العنوان في أنّ عشقها لفارسها لم يكن سوى أضغاث أحلام ....
في النّهاية يبقى السّؤال المطروح: هل القارىء مجبر أن يتوصّل بالضّرورة إلى ما يرمز إليه الكاتب القاصّ أو الرّوائي إلزاما ؟؟؟.... أم أنّ وظيفة الأدب تكمن في بعده الكوني الغير مشخصن؟؟؟... وفي حسّ الكاتب المرهف، بنفاذه بواسطة بصيرة مستبصرة ببؤر النّفس البشريّة وعمقها ...من دون أن ينقص من قيمة المنجز فنّيا ذلك أنّ وظيفته الأدبية تفرض عليه سلوكا أدبيّا يجنّبه جلباب الواعظ ...حتى لا تختلّ الموازين والأدوار ..باعتبار أنّ النّفس البشريّة مسكونة بالخير والشرّ منذ الأزل، منذ قابيل وهابيل ويوسف، فاقتتال الإخوة، وإن نُصّ عليه في أعظم أثر إنساني، فإنه لم ولن يحلّ إلى أبد الآبدين، إلى نهاية الخلق... كذالك الكاتب يطرح الإشكال بكل النّّضج الّذي اكتسبه من خلال تجربته الحياتيّة الاجتماعية وثقافته الأدبية ، بحيث يوظّف كل خبراته، في سرد يتميّز وجوبا بتدفّق سلس... بحيث يراعي الجوانب الفنيّة، من دون نشاز، في اللّفظ، والحرف، والتّركيب والتّنسيق والاسقاط... والبناء ... والدّلالة ...والمدلول ...و بحسن التّأثيث لتجنّب الجمل التّسجيلية الإخبارية ... والاهتمام ببهرجة الجملة الانشائية من دون تكلف ....
إن الشّموليّة والبعد الكوني للأثر تحتّم التّعالي والترفّع على كل ما هو وذاتي وذلك بالاعتناء بالإنسان في كلّيته لا في جزئيته ... حتى يضمن الخلود ؟؟.. من وجهة نظري أرى أنّ ما قامت به القاصّة ليلى المراني ...جنّبها الوقوع في فخّ محدوديّة البُعد و الرّؤيا، فقد كان بإمكانها أن توضّح لنا أكثر.. وتجنّبنا، عناء البحث في الافتراضات ...ولكنها أبت ذلك من أجل مشاغبة القارىء ، من ناحية، و شدّه إليها من ناحية أخرى، حتى يسكنه النّص، ويصير متلقّ إيجابي لتحدّي الأثر في حدّ ذاته بمحاولة فكّ شفراته ..و رموزه ... من خلال تصوّر المشكلة الأصلية ... إذ كلّما تنوّعت القراءات... و كلما تناول قارىء زاوية معيّنة... كلّما ازداد النّصّ ثراءا .....وأكسبه ذلك قوّة... وقرّبه أكثر من الكونيّة... ومن هنا يصير الأثر إنسانيا غير محصور بمكان و بزمان فيرتقي بذلك إلى أفضل الدّرجات فيتمكّن من الخلود ...